قوله:(وصلى الله على سيدنا محمد النبي) هذا من أدب المصنف، فإنه ابتدأ التصنيف أولاً بالثناء على الله جل في علاه, ثم أثنى على ناقل الشرع وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والصلاة على أقسام ثلاثة: الصلاة من العبد, والصلاة من الملائكة, والصلاة من الله جل في علاه, فالصلاة من العبد: الدعاء، كحديث:(كم أجعل لك من صلاتي؟ أجعل لك الثلث الشطر, ثم قال: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذاً تكفى همك، ويغفر ذنبك) وفي الحديث الآخر: (من دعي إلى طعام وكان صائماً فليأكل أو ليصل) يعني: يدعو.
والصلاة من الملائكة: الاستغفار، كقوله تعالى:{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}[غافر:٧]، والجمهور يرون أن الصلاة من الله: الرحمة, والصحيح: أن الصلاة من الله ليست الرحمة، بل الصلاة تغاير الرحمة, وإنما هي الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم في الملأ الأعلى, وهي تستلزم الرحمة، إذ أن الله جل في علاه لو أثنى على أحد في الملأ الأعلى فلازم هذا الثناء أن يرحمه ويجزل له العطاء , قال أبو العالية: صلاة الله على العبد هو ثناؤه عليه في الملأ الأعلى, وهذا قول أهل التحقيق، ودليل المغايرة بين الرحمة وبين الصلاة: قول الله تعالى: {أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}[البقرة:١٥٧]، فغاير بين الصلاة وبين الرحمة، والأصل في العطف المغايرة.
إذاً: قوله: وصلى الله على سيدنا محمد أي: اللهم أثني على محمد صلى الله عليه وسلم ثناءً حسناً في الملأ الأعلى.