وقال الحنابلة: لا يجوز الانتفاع بأي شيء من الميتة، لا جلد، ولا عصب، ولا عظم، ولا شعر، حتى ولو دبغ الجلد، والدليل على ذلك قول الله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ}[المائدة:٣]، فقوله: حرمت عليكم الميتة، الألف واللام استغراقية، فتستغرق كل الميتة، جلداً، وعصباً، وعظماً، ولحماً، وشحماً، وكل شيء فيها، والتحريم هنا عام في كل شيء، يعني: تحريم الانتفاع أو البيع والشراء، أو تحريم الأكل وغيره، فهذا تحريم كل شيء؛ لأن هذا الدليل عام.
قالوا: والدليل الخاص: حديث السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)، قالوا: وهذا فاصل للنزاع، وأيضاً هذا الدليل فيه حظر، وكل الأدلة التي عندكم تدل على الإباحة، والحظر يقدم على الإباحة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تنتفعوا)، و (لا) ناهية، والأصل في النهي: التحريم، إذاً يكون المعنى: حرم عليكم الانتفاع بأي شيء، لا جلد مدبوغ ولا غير مدبوغ، قالوا: وهذه هي الأدلة، وهذه رواية عن أحمد ورواية عن بعض المالكية أيضاً.