قال المصنف:(باب المياه)، الباب هو: الموصل للشيء, فباب المسجد هو الذي يصل بك إلى داخل المسجد، وباب الدار هو الذي تصل منه إلى الدار, فباب المياه هو الباب الموصل إلى مسائل المياه.
قال:(المياه التي يجوز التطهير بها سبع مياه).
هذه السبع يمكن أن نقسمها إلى قسمين: مياه من السماء ومياه من الأرض, ثلاثة من السماء وأربعة من الأرض فيسهل حفظها، وماء السماء طاهر، قال الله تعالى:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان:٤٨]، والطهور هو: الطاهر في نفسه المطهر لغيره كما سنبين أن أقسام المياه ثلاثة: طهور وطاهر ونجس, وبعض العلماء قال: أقسام المياه طاهر ونجس، وهذا قول الأحناف وترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية.
إذاً: الطهور: هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره, وماء السماء ماء طهور، وهو المطر والبرد والثلج, والدليل على طهارة المطر: قول الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان:٤٨]، وقال:{لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}[الأنفال:١١] , وقال النبي صلى الله عليه وسلم في استفتاح الصلاة:(اللهم باعد بيني وبين خطاياي - إلى أن قال:- واغسلني بالماء والثلج والبرد)، فيصح للإنسان أن يتوضأ بالثلج إذا كان الثلج في الشمس فتتساقط منه القطرات, فيغسل به العضو، وإن لم يستطع أن يغسل العضو فلا يصح الوضوء؛ لأن أصل الثلج ماء متجمد، والماء هو أصل الطهارة، فيصح لك أن تغسل به, فإن استطعت الغسل من الثلج صح الوضوء, وإن لم تستطع لم يصح الوضوء, وإذا قلنا: لا يصح فليس لأمر في ذات الثلج، بل لأمر خارج عن الثلج؛ لأن الثلج طاهر في نفسه مطهر لغيره, إذا أمكن غسل أعضاء الوضوء به.
والنوع الثاني: الماء الأرضي وهو أربعة: مياه الأنهار والآبار والعيون والبحار، قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن بئر بضاعة:(الماء طهور لا ينجسه شيء)، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر فقال:(هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)، وإذا صح الوضوء من البحر فمن باب أولى النهر, وإذا صح الوضوء من البئر فمن باب أولى العين, وعندنا دليل صريح في الأنهار وهو حديث:(أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات الخ)، فهذه أقسام المياه التي يمكن للإنسان أن يتوضأ بها ويتقدم بين يدي صلاته بهذه الطهارة.