أما من الكتاب: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}[المائدة:٦] والآية مطلقة، فالمقصود إذا قمتم من النوم أو من الجلوس أو من الأعمال وقد ذكر أهل التفسير أن هذه الآية نزلت عندما تأخرت عائشة في البحث عن العقد، وكانوا في سفر وما كان معهم ماء، عندما ناموا واستيقظوا الفجر وليس معهم ماء واحتاروا ماذا يفعلون، فأنزل الله جل وعلا هذه الآية الكريمة إلى قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}[المائدة:٦].
فيكون التقدير: إذا قمتم من النوم فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، فهذا يدل على أن النوم ناقض للوضوء من الكتاب إشارة، أما تصريحاً فقد جاء الحديث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه أنه قال:(العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ).
ويعني بالسه: الدبر، فكأن العين هي الحافظة للدبر، وأيضاً حديث صفوان بن عباس رضي الله عنه وأرضاه:(أمرنا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن -يعني في السفر- إلا من جنابة، لكن من بول أو غائط أو نوم)، ووجه الدلالة من هذا الحديث: هي دلالة الاقتران، فهم يستدلون بدلالة الاقتران وإن كانت هذه الاقترانة ضعيفة، لكن هناك أدلة أخرى قوت هذا الكلام، ومعنى الاقتران: أنه كما قرن النوم مع البول والبول ناقض دل على أن النوم ناقض أيضاً.
فهذه هي دلالة الاقتران، ودلت عليها الأحاديث الأخرى، فهم يستدلون بذلك على أن النوم ناقض من نواقض الوضوء، وهذه أدلة عامة، أما الأدلة التي تقيد وتبين لنا الوصف الذي ذكرناه فهو حديث ابن عباس:(أنه كانت تأتيه الإغفاءة وهو يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فيأخذ بشحمة أذنه فينتبه).
والثاني: حديث أنس رضي الله عنه وأرضاه في الصحيحين: (أنهم كانوا ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فينامون حتى تخفق رءوسهم)، وخفقان الرأس لا يكون إلا من الجلوس الممكن للمقعدة.
وهذا هو التأصيل في المذهب، بل هذا الذي تشتمل عليه كل الأدلة، والأقوال في النوم بلغت تسعة أقوال.