كتاب الوافي في شرح الشاطبية

مقدمة - ص: 3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[مقدمة]

نحمد الله تعالى على وافر فضله، وسابغ قوله، ونصلي ونسلم على سيدنا ومولانا محمد صلّى الله عليه وسلم صفوة رسله، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.

أما بعد: فهذا شرح «حرز الأماني ووجه التهاني» المعروف «بالشاطبية» في القراءات السبع للإمام أبي القاسم الشاطبي رضى الله عنه، يحل رموزه، ويبرز كنوزه، ويفتح مغلقه، ويقيد مطلقه، ويفصل مجمله، ويوضح مشكله، ويزيل مبهمه، ويميط اللثام عن عباراته، ويكشف النقاب عن إشاراته. وضعته خدمة لطلاب المعاهد الأزهرية في ديارنا المصرية، ولطلاب المعاهد الدينية في البلاد الإسلامية الشقيقة المقرر عليهم تدريس متن الشاطبية.

والإمام الشاطبي هو أبو القاسم بن فيرة (١) بن خلف بن أحمد الشاطبي الأندلسي الرعيني الضرير. ولد في آخر سنة ٥٣٨ هجرية بشاطبة (٢)، حيث تلقى فيها القراءات وحذقها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفري ثم رحل إلى بلنسية (٣) فعرض بها التيسير للإمام أبي عمرو الداني، كما عرض بها القراءات على الإمام ابن هذيل، وسمع منه الحديث. وأخذ على أبي عبد الله محمد بن حميد كتاب سيبويه، والكامل للمبرد، وأدب الكاتب لابن قتيبة. ثم رحل للحج عن طريق الإسكندرية؛ فسمع بها من أبي طاهر السلفي وغيره من الفضلاء. ولما دخل القاهرة أقبل عليه الناس واجتمعوا حوله يرتشفون من علمه الفياض، وينهلون من أدبه الغزير. فلما ترامت أخباره إلى «القاضي الفاضل» حاكم مصر اتصل به وأكرم نزله وجعله شيخا للمدرسة

---

(١) بكسر الفاء وبعدها ياء مثناة تحتية ساكنة ثم راء مشددة مضمومة بعدها هاء ومعناها بلغة عجم الأندلس الجديد.
(٢) هي قرية من قرى الأندلس.
(٣) قرية قريبة من بلده.