[٧٦ باب التكبير [١١٢١ - ١١٣٣]]
١١٢١ - روى القلب ذكر الله فاستسق مقبلا ... ولا تعد روض الذّاكرين فتمحلا
يقال: (روي) من الماء يروي روى، مثل: رضا وريا بفتح الراء وكسرها: إذا شبع منه.
و (استسق) اطلب السقى. (لا تعد) لا تتجاوز. (والروض) روضة وهي الأرض الخضرة من الأشجار المثمرة ويقال: (أمحل) دخل في المحل وهو الجدب والقحط.
والمعنى: أن نور القلب وضياءه ذكر الله عزّ وجلّ وحضوره في الفؤاد بتصور أسمائه وصفاته وأفعاله ومشاهدة مصنوعاته فاطلب منه سبحانه أن يفيض على قلبك عوارف لطائفه حال كونك مقبلا عليه، ولازم مجالس الذاكرين لتنتظم في سلكهم وتعدّ منهم، ولا تتجاوز مجالسهم إلى مواطن الغافلين فيظلم قلبك، ويذهب نوره وضيائه، وفي البيت إشارة إلى أحاديث كثيرة تدل على فضل الذكر منها قوله صلّى الله عليه وسلم: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه
حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه» [أخرجه البخاري ومسلم].
منها: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا»، قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال:
«حلق الذكر» [رواه الترمذي].
ومنها: «ما جلس قوم يذكرون الله تعالى إلا حفت بهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده» [أخرجه مسلم].
١١٢٢ - وآثر عن الآثار مثراة عذبه ... وما مثله للعبد حصنا وموئلا
اللغة: (آثر) فعل أمر من الإيثار وهو اختيار الشيء وتقديمه على غيره. و (الآثار) جمع أثر وهو الخبر المروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم. و (المثراة) المكان الكثير الندى.
و (الحصن) اسم لما يختص به. و (الموئل) المكان الذي يلتجأ إليه.
والمعنى: قدم ندى عذب الذكر على غيره من حطام الدنيا واجعله وصلة بينك وبين ربك حال كونك آخذا ذلك عن الآثار والأخبار الواردة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في فضل الذكر وليس هناك شيء يماثل الذكر فيما يتحصن به العبد من عذاب الله ويلوذ به من فتن الحياة.