١١٢٣ - ولا عمل أنجى له من عذابه ... غداة الجزا من ذكره متقبّلا
المعنى: ليس للعبد عمل من أعمال الخير مثل الذكر في إنجائه من العذاب وتخليصه من الأهوال يوم الجزاء إذا كان الذكر متقبلا عند الله تعالى بأن يكون خالصا من شوائب الرياء والسمعة، وفي الحديث إشارة إلى ما أخرجه البيهقي عن معاذ بن جبل رضى الله عنه:«ما عمل آدمي من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله».
١١٢٤ - ومن شغل القرآن عنه لسانه ... ينل خير أجر الذّاكرين مكمّلا
المعنى: أن أي فرد من أفراد الإنسان كان ذكره تلاوة القرآن دائما بحيث شغله عن سائر الأذكار؛ فإنه ينال أفضل أجر الذاكرين. وفي البيت إشارة لقوله صلّى الله عليه وسلم:«يقول الرب عزّ وجلّ:
من شغله القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» [أخرجه الترمذي] والضمير في عنه يعود على الذكر. والمعنى: ومع ما ذكرنا من فضيلة الذكر، فمن اشتغل عنه بتلاوة القرآن؛ فتلاوته أفضل من الذكر.
١١٢٥ - وما أفضل الأعمال إلّا افتتاحه ... مع الختم حلّا وارتحالا موصّلا
المعنى: ليس أفضل الأعمال وأكمل الأقوال إلا افتتاح كلام الله تعالى مع ختمه بأن يشرع في قراءته من أوله حتى يختمه، فالضمير في قوله:(افتتاحه) يعود على القرآن.
وقوله:(حلّا وارتحالا) من باب المصدر المؤكد لنفسه؛ لأن المراد بالحل الافتتاح وبالارتحال الختم. وقوله: بفتح الصاد المشددة حال من الضمير في افتتاحه أي حال كونه آخر القرآن بأوله. وفي البيت إشارة إلى الحديث الذي رواه ابن عباس رضى الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله عزّ وجلّ؟ قال:«الحال المرتحل»[أخرجه الترمذي].
أي عمل الحال المرتحل. قال ابن قتيبة: الحال هو الخاتم للقرآن شبه برجل سافر فسار حتى إذا بلغ المنزل حل به، وكذلك تالي القرآن يتلوه حتى إذا بلغ آخره وقف عنده، والمرتحل المفتتح للقرآن شبه برجل أراد سفرا فافتتحه بالمسير، وقد جاء هذا التفسير في بعض روايات الحديث: