المعنى: المراد بالفتح في هذا الباب: فتح القارئ فمه بالحرف لا فتح الحرف الذي هو الألف؛ إذ الألف لا يقبل الحركة. ويقال له التفخيم أيضا، والإمالة لغة: التعويج، يقال: أملت الرمح ونحوه إذا عوجته عن استقامته. وتنقسم في اصطلاح القراء قسمين: كبرى، وصغرى.
فالكبرى: أن تقرب الفتحة من الكسرة والألف من الياء من غير قلب خالص ولا إشباع مفرط وهي الإمالة المحضة، وتسمى الإضجاع، وإذا أطلقت الإمالة انصرفت إليها. والصغرى: هي ما بين الفتح والإمالة الكبرى، وتسمى التقليل وبين بين: أي بين لفظى الفتح والإمالة الكبرى.
وقد ذكر الناظم رضي الله عنه أن حمزة والكسائي أمالا الألفات ذوات الياء وهي كل ألف متطرفة أصلية منقلبة عن ياء تحقيقا أي أصلها الياء فأميلت لتدل على أصلها سواء وقعت في فعل نحو:
هُدىً* اشْتَرى سَعى * أَتى * أَبى * رَمى اسْتَعْلى يَخْشى * يَتَوارى. أم وقعت في اسم نحو: الْهَوى * الْمَأْوى * الْهُدى * مَوْلَى*.
وسواء رسمت في المصاحف بالياء كالأمثلة السابقة من الأفعال والأسماء. أم رسمت فيها الألف نحو: عَصانِي فَإِنَّكَ وَمَنْ عَصانِي بإبراهيم، الأقصا في إِلَى الْمَسْجِدِ الأقصا في الإسراء. تَوَلَّاهُ في كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ في الحج. أَقْصَا في وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى بالقصص وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى في يس.
سيما في سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ في الفتح طغا في إنّا لمّا طغا الماء في الحاقة الدُّنْيا* الْعُلْيا واحترزنا بالأصلية عن الزائدة نحو: قائم، نائم. وبالمتطرفة عن المتوسطة نحو: وَنَمارِقُ، باع، وَسارَ. وبالمنقلبة عن ياء عن المنقلبة عن واو نحو:
نَجا، عَفا*، الصَّفا، شَفا*. والمنقلبة عن تنوين نحو: ذِكْراً*، عِوَجاً*، أَمْتاً. عند الوقف عليها. واحترزنا بها أيضا عن ألف التثنية كألف إِلَّا أَنْ يَخافا، وألف اثْنا عَشَرَ شَهْراً. واحترزنا بقولنا تحقيقا عما اختلف في أصله نحو:
الْحَياةِ*، وَمَناةَ؛ لأن الخلاف وقع في أصل ألفها فوقع الشك في سبب الإمالة فتركت وعدل إلى الأصل وهو الفتح ولرسم ألفها واوا في المصاحف فلا إمالة في كل ما احترز عنه. وقول الناظم:(وتثنية الأسماء تكشفها) أي تكشف لك ذوات الياء منها من ذوات الواو، أي تكشف لك أصلها، وقد اشتمل على ضابط تستطيع بواسطته أن تعرف أصل الألف المتطرفة وتميز بين ما أصله الياء من هذه الألفات