الأول: النمل فاستفهم فيها في الأول. وأخبر في الثاني وزاد فيه نونا. الثاني: النازعات فاستفهم فيها في الأول وأخبر في الثاني. والثالث: الواقعة فاستفهم فيها في الأول والثاني معا، وأن ابن كثير وحفصا يقرءان بالاستفهام في الأول والثاني وخالفا أصلهما في العنكبوت فأخبرا فيه في الأول واستفهما في الثاني، وأن أبا عمرو وشعبة وحمزة يقرءون بالاستفهام في الأول والثاني في جميع المواضع.
ويؤخذ مما تقدم أمور: الأول: أن القراء اتفقوا على الاستفهام في اللفظ الأول في الواقعة وفي اللفظ الثاني في العنكبوت. الثاني: أن الاستفهامين قد يكونان في آية واحدة كما في هذه السورة وسورة المؤمنين وقد يكونان في آيتين متجاورتين كما في سورتي العنكبوت والنازعات. الثالث:
ليس بلازم أن يكون الاستفهام الأول لفظ أَإِذا* والثاني لفظ أَإِنَّا* يعكسان فيكون الأول أَإِنَّا* والثاني أَإِذا* كما في النازعات، وقد يكونان لفظين آخرين كما في سورة العنكبوت: أَإِنَّكُمْ وبناء على هذا فقول الناظم: (أءذا، أئنا) ما قصد به إلا مجرد التمثيل لوجود استفهامين في مكان واحد ولم يقصد خصوص هذين اللفظين. الرابع: ضابط هذا الباب أن يجتمع لفظا الاستفهام ويكون كل منهما مشتملا على همزتين، سواء كان اللفظان في آية واحدة أم في آيتين متلاصقتين كما في سائر المواضع، فلا بد من تحقق الشرطين: اجتماع لفظي الاستفهام واشتمال كل على همزتين، فإذا تحقق الشرط الأول دون الثاني بأن اجتمع لفظا الاستفهام ولم يشتمل كل منهما على همزتين فلا يكونان من هذا الباب، كقوله تعالى في سورة النمل: وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ، أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ. فلفظ الاستفهام أَتَأْتُونَ، أَإِنَّكُمْ. لكن
الأول ليس مشتملا على همزتين، كذلك إذا تحقق الشرط الثاني وهو اجتماع همزتين ولم يتحقق الأول وهو اجتماع لفظين فلا يكون من هذا الباب أيضا نحو: أَأَنْذَرْتَهُمْ* أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ، أَإِنَّكَ*، أَأُنْزِلَ.
واعلم أن كل من يقرأ بالاستفهام في الموضع الأول أو في الثاني أو في كليهما فهو على أصله في تحقيق الهمزتين من كلمة أو تسهيل الثانية، وفي إدخال الألف بينهما أو تركه، وهذا معنى قوله (وهم على أصولهم). وقوله:(وامدد لوا حافظ بلا) معناه: أن قالون وأبا عمرو