الأولى؛ أي وكسرها في الثانية كقراءة الدوري. وقوله (وقول الكسائي ضم أيهما تشا وجيه) معناه: أن ما نقل عن الكسائي أنه قال: (ضم) أي اللفظين شئت من الأول أو الثاني بمعنى أنك مخير في ضم أيهما شئت. قوله هذا قول ذو وجاهة؛ لأن فيه الجمع بين اللغتين، وقد نقل الداني عن الكسائي أنه قال: ما أبالي بأيهما قرأت بالضم أو الكسر على ألا أجمع بينهما، ثم أخبر أن بعض المقرئين تلا للكسائي بهذا التخيير، ويفهم منه: أن البعض الآخر لم يقرأ بهذا التخيير بل قرأ بضم الأول وكسر الثاني لكل من الراويين، أو بضم الأول وكسر الثاني للدوري، وبكسر الأول وضم الثاني لأبي الحارث. والحاصل: أنه يؤخذ من النظم أن الكسائي من روايتيه ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: ضم الأول وكسر الثاني من رواية الدوري، وكسر الأول وضم الثاني من رواية أبي الحارث، ويؤخذ هذا المذهب من قوله:(وكسر ميم يطمث إلخ). وقوله:(وقال به الليث إلخ).
المذهب الثاني: ضم الأول وكسر الثاني لكل من الدوري وأبي الحارث، ويؤخذ [تصوير]
هذا المذهب من قوله (وكسر ميم يطمث). وقوله:(ونص الليث بالضم الأول).
المذهب الثالث: التخيير لكل من الراويين في ضم أحدهما بمعنى أنه إذا ضم الأول كسر الثاني وإذا كسر الأول ضم الثاني، ويؤخذ هذا المذهب من قوله:(وقول الكسائي ضم أيهما تشا إلخ) ويؤخذ من مجموع المذاهب الثلاثة: أنه لا يجوز للدوري ولا لأبي الحارث ضمهما معا ولا كسرهما معا؛ بل لا بدّ من التخالف بينهما في الضم والكسر فإذا ضم الأول تعين كسر الثاني وبالعكس.
قال علماء القراءات: وإذا أردت قراءتهما للكسائي وجمعهما في التلاوة فاقرأ الأول بالضم ثم الكسر، والثاني بالكسر ثم الضم، وقرأ غير الكسائي بالكسر في الكلمتين قولا واحدا.
١٠٥٨ - وآخرها يا ذي الجلال ابن عامر ... بواو ورسم الشّام فيه تمثّلا
قرأ ابن عامر: تبارك اسم ربّك ذو الجلال والإكرام آخر السورة بالواو، وقرأ غيره ذِي الْجَلالِ بالياء وهو مرسوم بالواو في مصحف الشاميين وبالياء في مصحف غيرهم. وأما قوله تعالى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ فقد اتفقوا على قراءته بالواو، وقد رسم بالواو في جميع المصاحف العثمانية.