والحلم في مقام الانتقام ملجأ وموئلا، سواء كان حيّا أم ميّتا؛ إذ لا يستغني أحد عن رحمة مولاه.
والمراد (بالفتى) كل من يتصف بما ذكر، وقيل: أراد به نفسه ويؤيده قوله: (عسى الله يدني سعيه بجوازه).
المعنى: أنه يتوقع من فضل الله وكرمه أن يقرب سعيه- أي الناظم- في نظمه بقبوله ونفع الطلاب به، وإن كان نظمه غير خال من العيب وظاهرا ما فيه من زلل، وقيل: المراد
بالجواز تسهيل مروره على الصراط عند وروده. ثم انقطع الناظم عن الخلق وتوجه إلى الحق قائلا: يا خير من غفر الذنوب وستر العيوب، ويا خير محسن إلى عباده ومتفضل عليهم بأنواع العطايا والمنح، ويا خير مأمول منه كل خير وعطية، ومرجو منه كل منفعة وسعة، أقل عثرتي، واغفر زلتي، واستر خطيئتي، وانفع بهذه القصيدة ومقاصدها روادها المخلصين لها المقبلين عليها، ثم قال: أسألك يا الله رحمة بعد رحمة، ونعمة إثر نعمة دنيوية وأخروية حسية ومعنوية يا الله، يا واجب الوجود، يا رافع السماوات العلا.
١١٧٠ - وآخر دعوانا بتوفيق ربّنا ... أن الحمد لله الّذي وحده علا
١١٧١ - وبعد صلاة الله ثمّ سلامه ... على سيّد الخلق الرّضا متنخّلا
١١٧٢ - محمّد المختار للمجد كعبة ... صلاة تباري الرّيح مسكا ومندلا
١١٧٣ - وتبدي على أصحابه نفحاتها ... بغير تناه زرنبا وقرنفلا
اللغة: (الدعوى) الدعاء. (المتنخل) المختار من نخلت الدقيق خلّصته من الكدورات.
و (المجد) الشرف. (تبارى الريح) تحاكيها وتعارضها. والمسك معروف، وكذا القرنفل و (المندل) العود الهندي أو نوع من الطيب. و (الزرنب) الزنجبيل، وقيل: ضرب من النبات طيب الرائحة، والباء في (بتوفيق) للسببية. و (متنخلا) حال من الرضا.
و (كعبة) حال من الضمير في المختار. و (مسكا ومندل) حالان من الضمير في (تباري)، و (زرنبا وقرنفلا) حالان من نفحاتها.
والمعنى: أن آخر دعائنا وسؤالنا كأول ثنائنا بسبب توفيق ربنا، هو: أن الحمد لله أزلا وأبدا، أولا وآخرا ظاهرا وباطنا، الذي انفرد بالألوهية وتوحد بالربوبية لا إله غيره ولا معبود سواه، وفي البيت تلميح إلى قوله تعالى في بيان ما يقوله أهل الجنة: وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ