الأمة أن يخفف عليها وأن ييسر لها حفظ كتابها وتلاوة دستورها، كما يسّر لها أمر دينها وأن يحقق لها أمنية نبيها حين أتاه جبريل فقال له: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف فقال: «أسأل الله معافاته ومغفرته فإن أمتي لا تطيق ذلك» ولم يزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يردد في المسألة ويلحف في الرجاء حتى أذن الله له أن يقرئ أمته القرآن على سبعة أحرف، فكان صلّى الله عليه وسلم يقرئ كل قبيلة بما يوافق لغتها ويلائم لسانها.
أما عن قراءات الأئمة السبعة وصلتها بالأحرف السبعة: فيرى بعض الناس أن قراءة أي قارئ من القراء السبعة هي أحد الأحرف السبعة المذكورة في الحديث. فيزعموا أن قراءة نافع هي حرف، وقراءة ابن كثير هي حرف آخر، وهكذا قراءات باقي القراء السبعة، كل قراءة منها حرف من الأحرف السبعة، وهذا الرأي بعيد عن الصواب ومخالف للإجماع لأسباب متعددة أهمها: أن الأحرف السبعة نزلت في أول الأمر للتيسير على الأمة ثم نسخ الكثير منها بالعرضة الأخيرة، مما حدى بالخليفة عثمان بن عفان إلى كتابة المصاحف التي بعث بها إلى الأمصار وأحرق كل ما عداها من المصاحف.
والصواب: أن قراءات الأئمة السبعة بل العشرة التي يقرأ الناس بها اليوم هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، وورد فيها الحديث:«أنزل القرآن على سبعة أحرف» وغيره من الأحاديث. وهذه القراءات العشر جميعها موافقة لخط مصحف من المصاحف العثمانية التي بعث بها عثمان إلى الأمصار بعد أن أجمع الصحابة عليها وعلى إطراح كل ما يخالفها.
أسأل الله سبحانه أن يثيبني على هذا العمل الجليل بقدر ما لي فيه من حسن النية، ونبالة القصد، وأن يمنحني الإخلاص الدائم لخدمة كتابه المجيد، ويجعله شفيعا لي يوم الدين، فهو حسبي ونعم الوكيل ..