والمعنى: ما أجدر القرآن بالمجاهدة بأدلته وبراهينه؛ لأنه لا يبلى حال كونه سميّ المكانة، رفيع المنزلة، وكل من والاه وصافاه فهو مستقر على الجد سائر على الحق مستقيم على الجادة حال كونه مهتما به عاملا بما اشتمل عليه.
٧ - وقارئه المرضيّ قرّ مثاله ... كالأترج حاليه مريحا وموكلا
اللغة: قر الشيء: بمعنى استقر وثبت، والمثال: الشبيه والنظير. والأترج: فاكهة معروفة جمع أترجة. وأراح الطيب: إذا عبق ريحه، وأكل الزرع: إذا أطعم أي صار ذا طعم.
والمعنى: أن قارئ القرآن العامل به، السائر على نهجه ثبت مثاله مشبها الأترج في حاليه الإراحة والطعم، وفي البيت إشارة لقوله صلّى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة:
ريحها طيب، وطعمها طيب» [أخرجه البخاري ومسلم].
٨ - هو المرتضى أمّا إذا كان أمّة ... ويمّمه ظلّ الرّزانة قنقلا
اللغة: المرتضى: هو المحمودة سجاياه. والأمّ: بفتح الهمزة وتشديد الميم: القصد.
و «الأمة» الجماعة، وتطلق على الرجل الذي اجتمع فيه صفات الخير والبر. ويممه:
قصده. والرزانة: رجاحة العقل والسكينة والوقار. والقنقل: الكثيب العظيم من الرمل.
و (أمّا): تمييز، وكان بمعنى صار، وقنقلا: حال من الضمير المنصوب في ويممه.
والمعنى: أن قارئ القرآن مرضيّ قصده مخلصة نيته؛ لأنه صار بتوجهه للقرآن وعنايته به جامعا لخصال الخير، فيكون بمثابة أمة، وقصده ظل العقل والوقار، حال كونه مشبها الجبل في السكون والتؤدة والوقار، وجعل الناظم الرزانة هي التي تقصده كأنها تفتخر به، وتتزين بأن تظله لكثرة خلال الخير فيه مبالغة في الإشادة بقارئ القرآن.
٩ - هو الحرّ إن كان الحريّ حواريا ... له بتحرّيه إلى أن تنبّلا
اللغة: الحر: هو الذي لم يلحقه الرق. والحرى: الخليق والجديد. والحواري:
بالتشديد: الصاحب المخلص، وتخفيف يائه لضرورة الشعر، والتحري: الاجتهاد في قصد الحق وطلب