فإذا كان تغير الهمز بالتسهيل جاز في حرف المد الواقع قبله وجهان: المد، والقصر ولكن المد أولى وأرجح نظرا لبقاء أثر الهمز، وإذا كان تغير الهمز بإسقاطه جاز في حرف المد قبله الوجهان المذكوران ولكن القصر أرجح من المد نظرا لذهاب أثر الهمز، فقول الناظم:(والمد ما زال أعدلا) مقيد بما إذا كان أثر الهمز باقيا، أما إذا ذهب أثر الهمز؛ فإن القصر يكون أعدل كما سبق. وتطبيقا لهذه القاعدة: إذا اجتمع مد منفصل مع مد متصل مسهل الهمز كقوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا فإذا قرأت لقالون أو للدوري عن أبي عمرو بقصر المنفصل في حَتَّى إِذا* جاز لك في جاءَ أَمْرُنا* وجهان: القصر وهو أرجح، والتوسط.
وإذا قرأت لهما بتوسط المنفصل: لم يجز لك في المتصل إلا التوسط؛ لأننا إذا قدرنا الهمزة الأولى هي المحذوفة كان المد من قبيل المنفصل فيجب فيه التوسط ليتساوى
مع المنفصل الذي قبله في مقدار المد، وإذا قدرنا أن المحذوفة هي الثانية كان المد من قبيل
المتصل وهو لا يجوز قصره في مذهب ما.
أما إذا قرأت للبزي أو السوسي: فليس لك إلا قصر المنفصل مع وجهي المتصل، وإذا قرأت لقالون هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، بقصر المنفصل؛ جاز لك في المتصل القصر والتوسط، وإذا قرأت بتوسط المنفصل؛ لم يجز لك في المتصل إلا التوسط.
ولا يجوز القصر؛ لأنه يمتنع قصر الأقوى مع توسط الأضعف. ولما فرغ من بيان مذاهب القراء في الهمزتين المتفقتين في الحركة شرع في بيان مذاهبهم في الهمزتين المختلفتين فيها فقال:
٢٠٩ - وتسهيل الاخرى في اختلافهما سما ... تفيء إلى مع جاء أمّة انزلا
٢١١ - ونوعان منها أبدلا منهما وقل ... يشاء إلى كاليا أقيس معدلا
٢١٢ - وعن أكثر القرّاء تبدل واوها ... وكلّ بهمز الكلّ يبدا مفصّلا
المعنى: يعني: أن المشار إليهم بكلمة (سما) وهم: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو يسهلون الهمزة الأخرى من الهمزتين المختلفتين في الحركة والمراد من التسهيل هنا مطلق التغيير الشامل