هذا الفقه السليم لإقامة الحدود الإسلامية هو الذي فقهه عمر فوجد أن الرمادة شبهة كبيرة تدرأ الحد.. فوجد أن شروط النص لا تنطبق..
وليس معنى ذلك تقديم المصلحة على النص.. إنما هو اجتهاد داخل النص نفسه للبحث في توافر شروط الجريمة وشروط العقوبة..
وهكذا لم يفهم البعض عمر.. ولا فقه عمر..!
٤-إيقاع طلاق الثلاث بلفظ واحد طلاقا بائنا:
٢٢- قالوا إن عمر خالف صريح القرآن في قوله تعالى:{الطَّلاقُ مَرَّتَان} أي دفعتان، وخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم العملية إذ كان يوقع طلاق الثلاث طلقة واحدة، فقد روى ابن عباس رضي الله عنه ((كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق ثلاث واحدة فقال عمر ابن الخطاب إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم)) [٢٤] .
٢٣- ويرد على ذلك بالآتي:
أ- أن هذا الحديث ضعفه كثير من من رجال الحديث [٢٥] .
ب- أنه وردت أحاديث أخرى تفيد العكس أن عمل عمر كان هو عمل الرسول عليه الصلاة والسلام.
جـ- أنه على فرض التسليم بصحة الحديث فإنه يعني أن الناس كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقعون طلقة واحدة، لكنهم في عهد عمر صاروا يوقعون الثلاث دفعة واحدة، يدل على ذلك ما جاء في آخر الحديث ((إن الناس استعجلوا أمرا كانت لهم فيه أناة)) ، أي أن الحديث يحكي الحال الذي كانوا عليه والحال الذي صاروا إليه، فهو حديث عن تغير عادة الناس وليس عن تغير الحكم في المسألة [٢٦] .
د- الآية الكريمة {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} لا تعني ((دفعتان)) فقد ورد كذلك قول الله {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْن} وقوله {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} ولم يقل أحد إنها تعني أن الأجر والعذاب يكون على دفعات [٢٧] .