اشتد الصراع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الكفار من قريش حيث خافت قريش على ما يوفره الكفر لها من امتيازات طبقية ودينية، وامتيازات اقتصادية، وأخذ الصراع بين الحق والباطل يتصاعد بين الدين الجديد وما يمثله من خير للإنسان وما يعطيه للبشرية من حياة كريمة يعبد فيها الإنسان ربه الذي خلقه ويسجد لبارئه الذي أوجده فلا يسجد لبشر، ولا ينحني أمام حجر أو شجر. ولا يعبد فلكا ولا مظهرا من مظاهر الكون وإنما يستمد العزة لنفسه من عبادة الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ويولد ولم يكن له كفوا أحد.
اشتد الصراع بينه وبين الشرك وما يمثله من انحطاط في الفكر الإنساني والسلوك البشري الذي يظهر في السجود لحاكم أو رجل دين أو حجر أو شجر أو فلك. ذلك الانحطاط الذي ينتج عنه أن الغرائز في الإنسان تتحكم في مسيرته لا مقياس عنده يقيس به الأمور ولا حلال ولا حرام، وإنما كل أمر مباح من قتل نفس أو ظلم إنسان أو أكل مال حرام، أو استعباد نفس وإذلال للخلق فلا عجب إن ظهرت الطبقية العرقية الممثلة في السادة والعبيد والأشراف والسوقة والطبقية الاقتصادية الممثلة في تجارة الربا وأكل أموال الناس بالباطل، واستغلال حاجة الآخرين للإثراء غير المشروع والطبقية الدينية بحيث يصبح الدين وفهمه احتكارا على طبقة معينة وناس مخصوصين يستغلون جهل الناس ويطلبون منهم أن يعبدوهم ويطلبون منهم تقديم النذور والقرابين لهم ولما يمثلون.
وأخذ الكفر يقاتل عن مواقعه بشراسة حتى اضطر المسلمين إلى الهجرة مرتين فرارا بدينهم وحرصا على عقيدتهم، وحتى يأذن الله بالفرج.