لفضيلة الشيخ أحمد محمود الأحمد المدرس بكلية الدعوة بالجامعة
يقول أبو بكر محمد بن محمد بن خميس في مقدمة كتابه ((تاريخ مالقة)) [١] منوها بعلم التاريخ: "إن أحسن ما يجب أن يعتنى به، ويلم بجانبه بعد الكتاب والسنة معرفة الأخبار، وتقييد المناقب والآثار، ففيها تذكرة بتقلب الدهر بأبنائه، وأعلام بما طرأ في سالف الأزمان من عجائبه وأنبائه:
ونحن، وإن كنا لا نأخذ بحرفية كلامه [٢] رحمه الله، فإنا نقر بما لعلم التاريخ من قيمة جليلة، وأثر بعيد في صياغة الأمة، وتكوينها على نحو ما، سواء في ذلك أفرادها. أو كتلتها العامة، كوجود اجتماعي، ينبثق منه وجود سياسي هو الدولة.
وقصاراي -الآن- أن ألمس هذا العلم الجليل في ضوء الحقائق الإسلامية، وفي ضوء أصولنا الحضارية لمسات، وأن أنظر إليه نظرات، توفي بنا -إن شاء الله -على أفكار ما أحسبنا في غنى عنها.
سؤال أريد أن أطرحه الآن في سياق لمساتنا ونظراتنا هذه، ما التاريخ؟ ما التاريخ لغة؟ وما التاريخ حقيقة، وإن شئنا قلنا القولة التقليدية: ما التاريخ اصطلاحا؟
التاريخ لغة هو تعريف الوقت، والتوريخ مثله، يقال:((أرّخ الكتاب ليوم كذا أي وقته ليوم كذا. [٣]
وذهب الأصمعي إلى أن بني تميم يقولون: ورّختُ الكتاب توريخا، وأن قيسا يقول: أرخته تأريخا.. مما يؤكد عربية هذه الكلمة، فهي أصيلة في لهجات القبائل، ولهم فيها من التصرف ما يعرفه اللغويون من تصرفهم بأصل كلامهم، يقول العلماء ((المعجميون)) كابن منظور في لسان العرب: إن كلمة التاريخ مأخوذة من ((الأرْخ)) وهو ولد البقرة الصغير، كأنه شيء حادث كما يحدث الولد...
ومع ذلك فقد ذهب ناس إلى أن الكلمة فارسية الأصل، مأخوذة من قولهم:((ماه روز)) بمعنى حساب الشهور والأيام، فعربوها وقالوا:((مؤرخ)) ، وجعلوها مصدرا فقالوا:((التاريخ)) [٤] .