الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن تبع هديه ووالاه، وبعد:
فإذا توهم بعض الناس أن الكتابة في أسماء الله عز وجل أمر لا أهمية له وزعموا أنهم جميعاً يعرفون الله تعالى، ولا حاجة لهم إلى مثل هذه الموضوعات.
فأقول: وهل يعرف ربه من يجهل ربه بأسمائه الحسنى وصفات كماله العليا التي اختارها هو سبحانه لنفسه وجعلها لنا سبيلاً إلى التعرف عليه جل وعلا؟
وهل يستطيع أن يعبد ربه ويجرد له عبادته من لم يتعرف على ربه ولم يعلم له اسما ولا صفة؟
وإلا فليدلني أولئك الزاعمون: ممن يطلب الواحد منهم الرزق مثلاً إن لم يكن يعرف أن من أسماء ربه سبحانه: الرزاق، ومن صفاته صفة الرزق؟ وممن يطلب المغفرة إن لم يكن يعرف أن من أسماء ربه سبحانه: الغافر والغفار، ومن صفاته صفة المغفرة؟ وهكذا.
إن معرفة العبد أسماء ربه الحسنى وصفات كماله العليا له شأن عظيم، ومن روائع ما ذكره الإمام ابن القيم- رحمه الله- في أهمية التعرف على الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله قوله: "لا حياة للقلوب، ولا سرور، ولا لذة، ولا نعيم، ولا أمان، إلا بأن تعرف ربها، ومعبودها، وفاطرها، بأسمائه وصفاته، وأفعاله، ويكون ذلك أحب إليها مما سواه، ويكون سعيها فيما يقربها إليه. ومن المحال أن تستقل العقول البشرية بإدراك ذلك على التفصيل، فاقتضت حكمةُ العزيز العليم بأن بعث الرسل به مُعَرِّفين، وإليه داعين، ولمن أجابهم مبشرين، ولمن خالفهم منذرين، وجعل مفتاحَ دعوتهم وزبدةَ رسالتهم معرفةَ المعبود سبحانه بأسمائه، وصفاته، وأفعاله. وعلى هذه المعرفة تنبني مطالبُ الرسالة جميعها، فإن الخوفَ والرجاء، والمحبة والطاعةَ والعبوديةَ تابعةٌ لمعرفة المرجُوّ، المخّوف، المحبوب، المُطاع، المعبُود.