إنه عنوان كتاب جديد صدر أخيرا عن (دار الإرشاد) اللبنانية للدكتور عبد الكريم عثمان المدرس بجامعة الرياض، ولا بأس أخي القارئ من أن تضع يدك في يدي لنسير معا نرتاد آفاق هذا الكتاب، ونعيش مع مؤلفه لحظات هانئة، فلعلنا بذلك نعوض ما فاتنا من الاستماع إلى حديثه العذب، ونبراته القوية، ولفتاته البارعة، حيث تحدث في هذا الموضوع حديثا حيا على مدرج جامعة الرياض.
إن الحديث عن الثقافة الإسلامية حديث شيق وممتع وضروري، وذلك لما للثقافة من أثر كبير في حياتنا المعاصرة وخاصة بعد أن تعرضت ثقافتنا الإسلامية لأعنف هجوم فكري وغزو حضاري في تاريخها، ولقد صدر عدد من الكتب حول هذا الموضوع، فقد أصدر الأستاذ مالك بن نبي كتابا أسماه (مشكلة الثقافة) ، كما صدر كتاب آخر عن مؤسسة فرانكلين الأمريكية بعنوان (الثقافة الإسلامية والحياة المعاصرة) .
وهو يشتمل على عدة بحوث ألقيت في مؤتمر عقد بأمريكا في صيف سنة ١٩٥٣واشتركت في الدعوة إليه جامعة برنستون ومكتبة الكونغرس. وهذا الكتاب يمثل حلقة من حلقات الغزو الفكري للثقافة الإسلامية، وهو تخطيط غير مباشر للمنحنيات والدروب التي ينبغي أن يسير فيها البحث الإسلامي والثقافة الإسلامية، وهو باختصار الشرك الذي وضعته الولايات المتحدة للفكر الإسلامي المعاصر، وهي تريد من ذلك إسلاما أمريكيا يصنع على عينها. أما كتاب الأستاذ مالك فهو ليس مقصورا على الثقافة الإسلامية، وإنما هو يبحث عن الثقافة بشكل عام وتدخل فيه الثقافة الإسلامية كما تدخل غيرها, وهو يريد دائما - على طريقته في كل بحوثه - أن يصل إلى قوانين عامة، وخطوط عريضة، وهو حين يتحدث عن الثقافة الإسلامية إنما يتحدث عنها في إطار الثقافة العالمية، ولا شك أنه أول كتاب من نوعه في المكتبة العربية، وننصح المثقفين بالرجوع إليه، والإفادة منه.