عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلّكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته" متفق عليه.
وضع الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف - الذي هو من جوامع كلمه كل فرد من أرفاد المسلمين - حاكمين ومحكومين، ذكرانا وإناثا، مخدومين وخادمين - أمام مسؤوليته المنوطة به, حسب منصبه ووظيفته.
فكل فرد مسلم يعتبر راعيا ومرعيا في وقت واحد، عليه حقوق يجب أن يؤديها لأهلها وله واجيات يجب أن تؤدى إليه، وقد عم النبي صلى الله عليه في مطلع الحديث بقوله:"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" وفي آخره بقوله: "وكلكم راع ومسؤول عن رعيته" وخص فيما بين ذلك.
فذكر أعلى أصناف الناس في أول من ذكر، وأدناهم في آخر من ذكر، وأوساطهم فيما بين ذلك، فالمقصود من الحديث استغراق كل أفراد المسلمين بذكر أعلاهم، وأدناهم، ومتوسطهم، وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم في ذكر شعب الإيمان:"الإيمان بضع وستون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق". وإذا كان المراد من الحديث العموم والتنصيص على من ذكر، أريد به التمثيل، فلنبدأ بالكلام على الأصناف الأربعة - حسب ترتيبهم في الحديث - مع ضرب أمثلة أخرى من واقعنا الذي كثر فيه الرعاة وتعددت المسؤوليات على اختلافها من الجسامة والضئالة، وعلى أثر ذلك ظهر لكل مسؤولية أثرها الملموس.