عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار"[١] فقد نصب بهذا الحديث الجامع مَعْلما منيراً لأولي العلم، يعالجون به العشرات من المشكلات الطارئة مما لم يرد به حكم حاسم عن الله ورسوله.
وفي ضوء هذا المعلم جرى كبار فقهاء الإسلام في مواجهة هذا الضرب من الأحداث، فلا يزالون يدققون في جوانبه وأعماقه حتى يتحقق لهم قربه من الضرر والمضارة أو بعده منهما فينتهون إلى القرار المتفق مع مقاصد الشريعة..
ولقد يكون المشكل العارض مترددا بين الحل والحرمة، فيلجئون إذ ذاك إلى الحل النبوي الصريح في قوله صلى الله عليه وسلم "الحلال بَيّن والحرام بَيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام"[٢] .
ولا جرم أن وقوف أولي العلم عند هذه المعالم الصحيحة كاف لجمعهم على الحق إذا تجرد كل منهم من أهواء النفس التي كثيراً ما تفسد رؤية الفقيه..