الإيمان المنقذ
للشيخ صالح رضا المدرس في الجامعة
وتتلاطم الأمواج وتعلو حتى تغطي كل شيء في هذه الدنيا, فمن لم تفرّقه أصابته برشاشها, ومن لم تجرفه مزّقت شيئا من ثيابه, وينظر المسلم إلى هذا الفساد الشائع فيحار ماذا يفعل؟! وينظر إلى السبل التي تؤديه إلى السلامة, وتوصله إلى بر الأمان ... فتتلاشى جميع هذه السبل أمام الواقع المر والحقيقة الماثلة, ولا يبقى أمامه إلاّ الصراط الذي اختاره الله لهذه البشرية, ألا وهو الإيمان.
نعم..الإيمان هو سبيل الوحيد لإنقاذ البشرية, وهداية الإنسانية في متاهات هذه الحياة وظلمات هذا الفساد ... والإيمان المقصود هنا الإيمان الكامل الذي تظهر آثاره على صاحبه, الإيمان الذي تغلغل في القلب حتى أذاق صاحبه حلاوته, الإيمان الذي كان زرعة الحب, وثمرته الإيثار والبذل والفداء, الإيمان الذي شع نوره في الروح حتى أبرزت الجوارح كل أعمالها من وحيه, فصدرت الأعمال وعليها نور الساطع, وبريقه المشرق, وغدا اللسان يحكي إيمان الفؤاد, فيغزو بكلامه الأفئدة, وتصغي إليه القلوب لتكرع من بحره الصافي الماء السلسل الشافي, الإيمان الذي تتمثله فئة من الناس ثم تحمله إلى الكون كله فتدعوهم إليه بقولها وفعلها وأخلاقها.
إنه الإيمان الذي نحتاج في تيار الدنيا الجارف, الإيمان الذي له نعمل لنعلي كلمة الحق, ولتزوي أمامه دولة الباطل, الإيمان الذي يقضي مضاجع الباطل, ويفرق له الطواغيت, ويقلق لوجوده الكفر ... فيحيك الحبائل والشباك لصيد أصحابه, فتكون تلك الشباك والحبائل مدعاة لإظهار هذا الإيمان وسببا لثبات أصحابه, وتقوية لحامليه, وأمثلة تحتذي من بعدهم.