للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدد ٣

الإسلام والصراع الطبقي

للدكتور محمود بابللي

تقوم بعض المذاهب الاجتماعية المعاصرة على فكرة الطبقية وتمايز بعض الطبقات على بعضها الآخر كما كانت عليه هذه الفكرة في العهود القديمة زمن اليونان والرومان, حيث كانت تسيطر هنالك طبقة السادة فقط, ولا قيمة للعبيد فيها. إذ أنهم مِلك يباع ويشترى ويتم التصرف فيهم استغلالا واستثمارا وتعذيبا على أبشع ما يمكن أن يتصور من الفوارق الصارخة بين هاتين الطبقتين.

حتى إن كلمة (ديمقراطية) لا تعني في مفهومها الحديث ما كانت تعنيه عند أهلها ومنشئي كلمتها, أي عند الأمة اليونانية, إذ أنها كانت تعني طبقة الشعب الحاكم, أي طبقة السادة, ولا وجود للطبقة المستغلة (العبيد) في مفهوم كلمة الديمقراطية القديم.

لذلك فإن كلمة (حكم الشعب للشعب) تعني آنئذ حكم طبقة السادة.

وكذلك الحال عند الرومانيين وما كانت عليه الطبقية لدى الفئة الحاكمة منهم, ومن يلوذ بها من أمراء وفرسان وغيرهم, ولا قيمة تذكر لفئات الفلاحين والطبقات المتوسطة والفقيرة وطبقة العبيد والأسرى.

وقد ظهرت فكرة الطبقية في زمننا الحاضر في مفهوم مغاير, وهو الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة-من عمال وفلاحين-وبين طبقة الأغنياء أو متوسطي الحال, أو بين (الرأسمالية والاشتراكية) ومن بعدها الشيوعية, لأن الشيوعية هي الغاية للاشتراكية كما يعبر عن ذلك أصحابها.

وهذه الفكرة الطبقية أظهرت للوجود نوعان من الحكم المتسلط الغاشم باسم طبقة من الشعب ليس لها من هذا الحكم إلا الاسم ضد الطبقات الأخرى.

وتقوم هذه الفكرة على إثارة الصراع الدامي المستمر بين الطبقات وإيجاد الأسباب الدائمة لإثارته لإشغال الفئة المخدوعة به عن حقيقة أوضاعها