بني كم حثثتك على الاعتناء بلغة القرآن, لغة آبائك وأجدادك, وكم بذلت نفسي لأرفع من شأنك وأصلح من لسانك وأنت تترفع وتتكبر.
الولد: والدي إلى متى وأنت تتهمني بالغباوة وترميني بقلة العلم تارة وبضيق حوصلتي تارة أخرى، لماذا؟ ألست عربياً منحدراً من سلالة عربية؟ , أليست اللغة العربية نحن مصدرها؟ , وعلاوة على هذا ألست قد أخذت نصيبي من الثقافة وحظي من فنون البلاغة؟ , أبعد هذا كله تأمرني أن أنزل إلى الحضيض وأرجع إلى الوراء ولم تشأ إلا أن أقعد في البيت لتصلح من لساني على حد تعبيرك فلستُ طفلتك الصغيرة مها.
الأب: يبتسم ويهز رأسه. بني حقاً إنك من دوحة عربية وسلالة عدنانية ولكن أما علمت أن لغتك قد اجترفها سيل العجمة منذ القدم, وأن عربيتك كادت أن تؤول إلى الهرم لولا أن قيض الله لها جهابذة ألباء وعباقرة أذكياء.
أما علمت أن المحافظة على لغتك محافظة على دينك وتراثك وعنوان عزتك ورفعتك وأما زعمك أنك قد أخذت نصيباً من الثقافة وقسطاً من فنون البلاغة فهذا لا أكاد أصدقه بعد أن سمعت منك أخطاء كثيرة في التعبير, يتبرأ منها كل عربي نحرير ولكن لا يعروني العجب من هذا فبعض أهل اللسان في هذا الزمان قد جرد سيف منطقه للنيل من بنت عدنان.
الولد: أود يا والدي أن تنبهني على خطأ واحد صدر مني.
جلس الوالد بعد أن كان متكأً وتابع حديثه قائلاً سمعتك يا ولدي البارحة تنادي أمك وتقول: املأي لي القعب لبناً فأنا جائع أشتهي شرب اللبن وكان التعبير الدقيق السليم الموجز أن تقول لها أنا عيمان, أفهمت؟
الولد: إني أتعجب من كلامك أخبرني هل خص العرب مشتهياتهم إذا طلبوها بتعبيرات خاصة.