للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسائل لم يحملها البريد

للشيخ عبد الرءوف اللبدي

المدرس بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية

أختي العزيزة "هل"

هذه هي الرسالة الخامسة عشرة التي كنت قد وعدتك من قبل أن أحدثك فيها عن همزة الاستفهام الداخلة على أدوات الشرط:

"لو" و"كلّما"و"لمّا"وها أنا ذي منجزة ما وعدت:

أمّا همزة الاستفهام الداخلة على "لو"الشرطية فقد وردت في سبع آيات من آيات القرآن الكريم:

الآية الأولى قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} . الآية (١٧٠) من سورة البقرة.

تتضمن هذه الآية الكريمة أنه إذا قيل لهؤلاء الكفّار من المشركين اتبعوا ما أنزل الله واتركوا ما أنتم عليه من الضلال قالوا لا نتبع ما أنزل الله بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا، فردّ عليهم سبحانه وتعالى منكراً موبخاً: أتتبعون ما وجدتم عليه آباءكم ولو كان أولئك الآباء لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون؟!

وقد جاء هذا الاستفهام: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} جاء مفيداً الإنكار (بمعنى لا ينبغي) ومفيداً التوبيخ والتعجب:

فقد أنكر الله سبحانه وتعالى على أولئك الكفرة المشركين ووبخهم أن يتبعوا آباءهم وقد كانوا ضالين جاهلين، ليس لديهم مُسْكة من عقل ولا أثارة من هداية، وأنَّى لهم العقل والهداية وهم يعبدون أصناماً لا تملك نفعاً ولا ضرّا، ويحرّمون على أنفسهم ما أحلّه الله، ويحلّون لها ما حرّم الله؟!

لقد كان ذلك الإتباع عجيباً كل العجب، فقد كان اتباعاً أعمى لآباء ضالين جاهلين، اتباعاً ليس فيه تبصر ولا تعّقل، ولا يقوم على حجة ولا برهان، اتباعاً على طريق الشرّ والضًر والمصير إلى جهنم.