للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير الكتاب العزيز وإعرابه

لأبي الحسين عبيد الله بن أبي جعفر بن أحمد بن أبي الربيع القرشي الأموي الأندلسي الإشبيلى

المتوفى سنة ٦٨٨ هـ

تحقيق ودراسة الجزء الأول

الدكتور علي بيت سلطان الحكمي

الأستاذ المشارك في كلية اللغة العربية

(أ)

بين يدي تفسير الكتاب العزيز وإعرابه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فإن أبا الحسن عبيد الله بن أبي الربيع الأشبيلي الأندلسي كان إمام عصره في بلاد الأندلس، اشتهر بدروسه في مدينة إشبيلية قبل سقوطها في أيدي الفرنجة، وفي مدينة سبتة بعد هجرته إليها. وقد امتد الزمن بدروسه أكثر من نصف قرن وقصده الدّارسون من كل أوب وفج يقيدون عنه ويفيدون منه، ويروون ويحملون ما يجيزهم روايته وحمله. وقد تخرج به الجمع الغفير من العلماء الذين صاروا به أئمة في مختلف الفنون، وكان لبعض منهم مؤلفات لا يحصرها ديوان، ويعز جمعها على ذي البحث والتنقير والافتنان، وقد كان لانقطاعه للعلم والدرس ومباعدته أهل الدنيا أثر واضح في تمكنه العلمي ورسوخه في مختلف الفنون التي كانت شغل الدارسين وحديثهم، ولئن انحصر نشاطه العلمي في التأليف والشرح والتّقيْيد على النحو والصرف، وما يتصل بهما إن له لقدماً راسخة في مختلف العلوم لكنّ علوم العربية كانت تُمَثِّلُ التخصُّص الدقيق الذي تأكد فيه رسوخه وأحاط به معرفة وفهماً، لذلك خصه بالتأليف والشرح والتقييد على أمهات المصادر والأصول، إسعافاً للدارسين، وإثراءً لجوانب من هذا العلم بالتحقيق المستقصي والبحث الموفّي لما بدأه السلف من أئمة هذا الشأن، وقد أراد أن يختم نشاطه العلمي في آخر أيّامِه بمؤلف يجمع فيه ما كان حصله في رحلته الطويلة مع الدرس والمراجعة فكان هذا الكتاب الموسوم بتفسير الكتاب العزيز وإعرابه الذي شرع في إملائه في الأيام الأخيرة من حياته، وسلك فيه النهج الوسط مُتحامياً الإطناب المُمِلّ