بعد أن حمل الرسول صلى الله عليه وسلم ذكور الأمة الإسلامية مسئوليتهم شرع في بيان مسئولية نساء تلك الأمة. ويلاحظ من الحديث أنه لم يعين مكاناً لمسئوليات الأصناف المذكورة فيه إلاّ المرأة فقد عين مكانها حيث قال:"راعية في بيت زوجها" ففي الحديث إشارة إلى ما تقرره نصوص الشريعة من أن الأصل في حق المرأة القرار في البيت والخروج منه خلاف ذلك الأصل يباح عند الحاجة بقدرها فإذا انتهت الحاجة رجعت إلى ما هو أصل في حقها وهو القرار في البيت وقد أمر الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالقرار في بيوتهن وجعل ذلك وسيلة من وسائل تطهيرهن من الذنوب والمعاصي، والأصل في الأحكام المتعلقة بالنساء أن يستوي فيها كل امرأة من غير فرق بين نساء الرسول صلى الله عليه وسلم وغيرهن من نساء المؤمنين إلاّ إذا دل دليل خاص على اختصاصهن بحكم معين مثل كونهن أمهات المؤمنين وأيضاً فإن الطهر والعفة والمغفرة مطلوبة من كل النساء فقد جعل الله قرارهن في البيوت من وسائل الطهر وأيضاً فقد نهاهن الله عن التلبس بصفات نساء الجاهلية الأولى، كالتبرج وهو أمر لا يختص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم بل كان المسلمين منهيون عن اتصافهم بصفات الجاهلية، قال تعالى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} واتبع ذلك بما لا يختلف فيه اثنان، أنه ليس من خصائصهن، وهو الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله ولا ينافي ذلك قوله في أول الآية:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنّ} لأنه بيان لمكانهن من الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا يضاعف لهن ثواب الطاعة وعقاب المعصية فقد دلت نصوص السنة التي توضح القرآن وتبينه