في ترجمتي التحليلية لأفكار الدكتور مصطفى محمود قلت - ص ٣٩٤ -:
(ومع أن الأخ الدكتور قد شارف مطالع الطريق إلى الحقيقة، وتكشف له الكثير من الحجب التي كانت تحول دونها؛ فاستعاد إيمانه بالكتاب والنبيين، وأدرك مسافة الخلف ما بين المخرفين والمؤمنين، فهو لا يزال في مسيس الحاجة إلى الاستزادة من قراءة الحديث الصحيح، والاتصال بمؤلفات الصفوة من خدمة هذا العلم النبوي؛ ليزداد قلبه إشراقا بنور الوحي، الذي لا يغني فيه القرآن عن الحديث، ولا الحديث عن القرآن) .
وهاهي ذي ثلاث سنوات تعبر على تلك الكلمة، وكأنما كتبت اليوم، فهو لا يزال ضاربا في ملاحقة الأشعة التي تبرق لعينيه من أفق الحقيقة، فإذا أضاءت له مشى على هدى، وإذا زاغ عنها بصره جمد في موقعه لا يدري كيف يتجه..
ومن هنا جاء ذلك الاضطراب في مسيرته، فبينما هو محلق في جواء النور يترنم بألحان السعادة فيشوق ويطرب، إذا هو من الجانب الآخر ناشز الصوت، مشوش النغم، يخبط في ظلمات لا ضوء فيها ولا دليل.
لقد أعانه حبه الحق على التحرر من أخطائه السابقة، ولكن بقية من أشراك الفلسفة والتصوف ومؤثرات الاعتزال، إلى قصوره المعهود في مجال الحديث تحقيقا وفقها، قد قعدت به عن الانطلاق المنشود، فهي تشده بين الحين والآخر إلى القول بما لا يطمئن إليه عقله ولا قلبه، فيبعث من لا يعرف خلفياته النفسية والفكرية على سوء الظن بمراجعه وبواعثه، وسأقف من هذه المفارقات على بعض ما لمست في كتابه الذي جعل عنوانه (الله) .
- إن هذا الكتاب معرض غير منظم لمفهوماته في أخطر البحوث المتصلة بموضوع التوحيد.. فهو يتحدث عن ذات الله وصفاته وعمله سبحانه في الكون.. وما إلى ذلك مما لا سبيل معه إلى العصمة من الشطط، إلا أن يلتزم الكاتب فيه طريق الوحي من كتاب الله والصحيح في السنة.