إن الهجرة في الإسلام ليست مجرد مجرد ترك الوطن أو الابتعاد عن الأهل والعشيرة، أو الزهد في المال لأنها إذا كانا كذلك فلا ميزة لها ولا أهمية في الإسلام.
فالهجرة في الإسلام تحتوي على معان عظيمة وتهدف إلى تحقيق أهداف سامية، فلها أهمية خاصة في نظر الإسلام، ومعيار لقوة الإيمان وضعفه، وفارقة بين الصادق المخلص والمدعي الخادع، ووسيلة من وسائل نصرة العقيدة التي آمن بها المهاجر مهما كلفه ذلك من عناء ومشقة مضحياً في سبيل ذلك بكل ما يملك.
ولعلنا نستطيع أن نستشف ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم:"إن شأن الهجرة لشديد "[١] . فلم تكن الهجرة إلى الحبشة والطائف وكذلك الهجرة إلى المدينة إلا لأجل تحقيق المبادىء التي دعا المصطفى صلى الله عليه وسلم الناس إليها لتكون لهم عقيدة وسلوكاً. ولما انتهت دواعي ذلك، أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم:"لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا "[٢] .
وسنرى فيما يأتي في ضوء هذه المقدمة، ما هي الأهداف من الهجرة إلى الحبشة؟. وإلى أي مدى تحققت؟ ...