المعاصرة صنو الأصالة، ذلك أن الدين الحنيف في شموله وكماله وخلوده غير مقيد بحد زماني أو جغرافي أو عرقي، وعلى هذا فالمعاصرة من لوازم ذلك، وان إبراز هذا الجانب المشرق من خصائص الدين الحنيف في عصرنا خاصة أمر يتطلبه البحث العلمي ذو الصلة بتاريخ الدول الإسلامية المعاصرة، وإن وعي هذه الحقيقة الخالدة من أصالة الفكر السياسي المعاصر وهو ما كان ماثلا في ضمير الملك عبد العزيز وجهاده ومنهجه.
وما من ريب أن في نموذج المملكة العربية السعودية مثالاً يحتذى للدولة الإسلامية المعاصرة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، إذ تأخذ من دينها العقيدة والشريعة، ومنهج الحكم، والقيم والآداب، وكل ما تتطلبه الحياة الإنسانية السعيدة السوية، وفي الوقت ذاته ترحب بكل ما أنتجته الحضارات المعاصرة مما يعود على المجتمع بالفائدة والنفع ولا يضره في عقله وأخلاقه ودينه.
قال رحمه الله:"إن تقدم المسلمين ونهوضهم من الأمور التي ما برحنا ندعو إليها إن شاء الله، ولا نهوض للمسلمين بغير الرجوع إلى دينهم والتمسك بعقيدتهم الصحيحة، والاعتصام بحبل الله، والطريق إلى ذلك واضح معبد لمن أراد سلوكه وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالتوحيد الخالي من الشرك والبدع، والعمل بما أمرنا به الدين لأنه لا فائدة من قول بلا عمل"[١] .
ولعله من المناسب هنا إيراد الحوار الصحفي التالي ذي الدلالة الواضحة على قضية المعاصرة في منهج الملك عبد العزيز وفكره النيّر:
الكاتب الإنجليزي "دوم لا ندو"كتب لقومه هذا الحوار:
* هل تجدون جلالتكم أن من الممكن الاستمرار بإجراء معاملاتكم السياسية على أساس معتنقاتكم الدينية؟.