للأستاذ محمد بن محمد الأنصاري المدرس بمعهد الباحة العلمي
إن محولات هذا العصر في خنق الثقافة الإسلامية، فيما يتعلق بفكرها ولغتها كثيرة جداً، ومن نوافذ بعيدة المدى، وآفاق عميقة الجذور، تتستر أحياناً بما هو مطلوب من معتنقي الثقافة الإسلامية ولغتها الشاعرة (اللغة العربية) .
من هذه البدع المجازفة السيئة التي قام بها الأعداء مباشرة، أو غير مباشرة، من محاولة ترجمة القرآن، ترجمة حرفية يطلقون عليها قرآناً، وهذه الحماقة إن راودها بعض المسلمين أو المنافقين فلا نردها إلا إلى جهل تام وبعد واسع النطاق عن القرآن العظيم في نزوله والمنزل من عنده المتكلم به حقيقة والمنزل عليه في لغته وبلاغته التي لا تقاوم.. ولا ينال طرف منها، في حرف وجملة وكلمة، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً قال تعالى:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} بل إن كلاما أدنى منه وأسلوباً أقصر من نسجه على إرادته تقليداً أو محكمات، لا يمكنهم الإتيان به ولا تطاوعهم الملكة البيانية في فصل الخطاب وفي أوابد القوافي لمراميه، قال تعالى:{فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} .
كأن الذين يحاولون ترجمة القرآن الحرفية، جاءوا ليصدقوا إعجاز القرآن في شانهم هذا المضحك، وهو نقل القرآن إلى لغة يمكن أن يعارض فيها ولا يعجز وهذه المحاولة نفسها إعجاز!!