هذه هي الرسالة الثامنة تكتبها إليك أختك همزة الاستفهام، وتحدثك فيها عن صيغ ثلاث جديدة من هذه الصيغ التي تدخل فيها على لم النافية الجازمة للفعل المضارع، وقد كانت من قبل قد حدثتك في رسائلها السبع المتقدمة عن أربع عشرة صيغة، أما الصيغة الخامسة عشرة فهي:"ألم يهد"، وقد وردت كما ثلاث آيات من آيات القرآن الكريم:
الهمزة في هذه الصيغة (أو لم يهد) في آيتها الأولى للإنكار والتوبيخ: ينكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية على أهل مكة وغيرهم من العرب الذين استخلفوا في الأرض من بعد أهلها، ينكر عليهم ويوبخهم أن لم يتعظوا بما أصاب أهل هذه الأرض قبلهم من عذاب وهلاك بسبب كفرهم وتكذيبهم الرسل، مع علمهم بأن الله قادر على أن يصيبهم بما أصاب أولئك لو شاء ذلك.
والفعل المضارع في هذه الصيغة وهو (يهد) أي يتضح ويبين مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة وهو الياء من آخره. وفي فاعله ثلاثة آراء ذكرها أبو حيان في تفسيره البحر المحيط [١] وذكرها أيضا صاحب الفتوحات الإلهية نقلا عن السمين [٢] .
أحدها: أنه المصدر المؤول من أنْ وجواب لو، والمفعول به على هذا الرأي محذوف، والتقدير: أو لم يتبين إصابتُنا إياهم بذنوبهم لو شئنا ذلك عاقبة أمرهم، فإصابتُنا وهو المصدر المؤول فاعل، وعاقبة أَمرهم هو المفعول به المحذوف.