أمرنا الله - جلا وعلا - أن ندعو الناس إلى سبيله القويم، وطريقه المستقيم بالحكمة، والحكمة تعني أن يحاول الإنسان - ما استطاع - ليضع الشيء في محله الملائم له، وهذه الحكمة تقتضي الداعي أو المعلم أن يعلم - قبل الدعوة - كيف يخاطب النفوس، وما هي الوسائل التي تؤثر في النفوس الإنسانية فتجعلها تقبل ما يلقى إليها باهتمام وشغف، وبذلك يكون عمله مجديا ودعوته مؤثرة، وتعليمه مثمرا.
والناظر في السنة النبوية يلمح صورا واضحة للطرق القويمة في مخاطبة النفوس، وتبين
له السبل التي سلكها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للتأثير في نفوس المخاطبين من الصحابة - رضوان الله عليهم - مما يدل على المعرفة التامة وتربيتها. وإني أحب أن أعرض شيئا من هذه الأمثلة الرائعة لتكون لنا نورا نستضئ به في الطريق الطويل الذي نسير به.
من ذلك ما يعرف الآن في طرق التعليم بإثارة مشكله لإيجاد حل لها، ويكون ذلك بإلقاء سؤال يطلب من المخاطبين الجواب عليه، وإلقاء السؤال يجعل المسئولين في المشكلة ذاتها، فيبحثون عن حل مناسب، وجواب ملائم لما يعرض عليهم، فهم إذن ليسوا بعيدين يتكلمون عن شيء نظري، فها هي المشكلة أمامهم، والسؤال يحتاج إلى جواب، والجواب سيكون من واقع حياتهم، ومن تجاربهم التي يعرفونها، ثم سينتظرون الحكم النهائي والجواب القاطع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فبهذه الطريقة يضمن الداعية شيئين: