كانت ماكرة تلك الهجمة الاستشراقية الصليبية على الإسلام والمسلمين في هذا العصر، فراحت تتهم الإسلام بشتى التهم وراح بعض المسلمين _ وبعاطفة الدفاع عن الإسلام _ يلصقون بالإسلام ما ليس منه أو يلتمسون من هنا وهناك شهادات للغربيين بأن الإسلام دين الرحمة أو دين المدنية ليقولوا للناس (والفضل ما شهدت به الأعداء) وكان هذا في أول هذا العصر.
ولم تنتشر الثقافة الإسلامية بعد بهذا المدى التي وصلت إليه الآن، ولذلك فنحن لا نحاسب الذين تأثروا بهذه الهجمة بما نحن عليه الآن، ولكننا نرى أن مقالاتهم وكتاباتهم وإن أفادت في وقتها وتأثر ناس بها ولكنها الآن لا تناسب ما وصل إليه الشباب المسلم من وعي، لأنها كتبت من موقف الدفاع والضعف لا من مركز القوة واستعلاء الإيمان، إن كتابات مثل كتابات ابن تيمية في أول القرن الثامن الهجري نتلقاها الآن وكأنها كتبت بالأمس وذلك لأنها كتبت من مركز القوة.. والاستعلاء على فلسفة اليونان وكل الترجمات التي تأثر بها المسلمون منذ بدأت الترجمة في العصر العباسي. كتبت بدون عقدة النقص التي يشعر بها المسلمون الآن تجاه الحضارة الغربية.
وإلا فما حاجتنا إلى شهادة مستشرق خبيث مثل (دوزي) ليقول لنا: إن العرب تغيرت حياتهم بعد فجر الإسلام.
إن اسم (دوزي) على كتاب مثل (مع الرعيل الأول) تزكية له والرجل من أخبث المستشرقين وسأنقل إن شاء الله بعض كلامه في هذه المقالة.
٢ _ وكذلك كانت موجة القومية العربية قد طغت في أول هذا العصر وخاصة في بلاد الشام بعد الحرب العالمية الأولى (لأن الذي حركها هم نصارى لبنان للتخلص من الدولة العثمانية)[١]