للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نظامُ الإثبَات

في الفقه الإسلامي

[دراسة مقارنة]

للدكتور: عوض عبد الله أبو بكر

أستاذ مساعد بكلية الشريعة

(٤)

الحكم بالفراسة والقرائن

أولا: الحكم بالفراسة:

من وسائل الإثبات المختلف فيها عند فقهاء الشريعة الحكم بالفراسة، وهل تصلح دليلا يعتمد عليه القاضي في بناء أحكامه، أم لا تصلح دليلا لبناء الأحكام القضائية. وقبل أن نعرض آراء الفقهاء ينبغي معرفة المقصود من الفراسة.

الفراسة لغة:

الفِراسة بالكسر من التفرس, يقال: تفرّس الشيء إذا توسمه، وتفرّست فيه خيرا: توسّمته، وهو يتفرّس يتثبت وينظر، فالتفرس والتوسّم معناهما واحد أي يفسّر أحدهما بالآخر [١] .

الأصل في الفراسة ومعناها الفقهي:

الأصل في الفراسة قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} . (الحجر: ٧٥) .

فذكر أهل التفسير أن المتوسّمين يعني المتفرسين، وذلك اعتماداً على ما أثر عنه صلى الله عليه وسلم.

فقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ثم تلا الآية " [٢] .

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسُّم" [٣] .

يقول الألوسي: "قال الجلال السيوطي: هذه الآية أصل في الفراسة" [٤] .

معنى هذا أن الفراسة قد ورد اعتبارها في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأنها سمة من سمات المؤمنين، إذ أن الأحاديث مادحة للمتفرسين, وأن الفراسة مدرك من مدارك المعاني؛ لأن المؤمن المتفرس ينظر بنور الله، فالله عز وجل هو الذي يريه ويفيض عليه.

فإذا ثبت هذا فلينظر كيف سارت تفسيرات العلماء للفراسة: