منذ أسبوعين أو ثلاثة، أو أقل من ذلك أو أكثر، لا أدري، فأنا الآن لا أعرف حساب الأيام ولا تعداد الليالي _ جاءني موظف من المحكمة الشرعية في هذا البلد الذي فيه أقيم، جاء يبلغني أنك قد طلقتني، فذهلت لهذا النبأ الفاجع الفاجئ المروع، وهرولت مسرعة غير مصدقة إلى المحكمة الشرعية أسأل عن هذا الأمر وأتوثق، ولكن القاضي أكد الطلاق الذي طلقتنيه في بلدك، وصدّق البلاغ الذي بلّغنيه موظف المحكمة.
وخرجت من لدن القاضي أتعثر في أثوابي وأنا أبكي، وأصادم الناس والأشياء لا أدري أين الطريق. وبعد لأي وجهد وعذاب وصلت إلى بيت شقيقتي هذه التي أُقيم عندها ضيفة منذ ثلاثة أشهر، وانتبذت إلى زاوية مظلمة لا أدري ماذا أصنع غير أن أنفث الزفرات، وأرسل الآهات، وأريق الدموع.
وأشارت عليّ أُختي أن أرسل إليك ابنها يتعرف أسباب هذا الطلاق، ودوافع هذا الفراق، ولقد كنت حريصة على أن أجيء أنا نفسي، ولكن هذا الخطب الجلل الذي رميتني به، لم يترك لي قدرة على الحراك والسفر، ولا أن أرى دارا سلخت فيها من عمري خمسا وأربعين سنة، فإذا هي محرمة عليّ، وإذا أنا غريبة عنها.
ورجع ابن أختي من عندك يحمل أسبابا غريبة، وينقل إليّ أحداثا عجيبة: