ولد أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله [١] بن موسى البيهقي في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة [٢] بقرية – خسرو جرد [٣]- وعاش أربعاً وسبعين سنة وتوفي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة في نيسابور [٤] وحمل [٥] منها إلى (بيهق)[٦] فدفن بها.
وقد عاش في زمن عاصف بالفتن التي ضربت أمواجها بلاد الإسلام فابتلى المسلمون بلاءًا عظيماً وصاروا طوائف وأحزاباً يطعن بعضهم في بعض حتى طمع فيهم أعداؤهم وهاجم [٧] ملك الروم بلاد الشام بجيوشه الجرارة على حين غفلة من المسلمين.
ولولا ما قدر في كتاب لجاز البلاد والأموال وصدّع الصرح الشامخ الذي بناه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وفي الوقت الذي يهاجم الروم فيه الشام تحاصر مدينة البصرة ويباع [٨] نصف مدينة (الرها) بعشرين ألف دينار، ويدخل طغرلبك مدينة نيسابور وخراسان وما جاورها، وتتجدد الفتن في كل وقت وحين بين أهل السنة من جهة والشيعة والرافضة من جهة أخرى عمّ الذعر قلوب الناس وتخلخل الأمن ونهب [٩] الأتراك كل من ورد إلى بغداد فشاع الغلاء وقلّ المورد، ولعن الخطباء الرافضة والأشاعرة على المنابر ونحي عن المناصب الشافعية فضج أهل خراسان وأرسل [١٠] البيهقي رسالته إلى عميد عبد الملك الكندري التي دافع فيها عن أهل السنة عامة وعن الأشعري وما نسب إليه خاصة دفاعاً قوياً لم يترك في نفس الوزير الكندري إلا أثراً عكسياً فتمادى في ظلمه وعد وأنه ولم يأبه بكل ما كتب إليه حتى مات (طغرلبك) وانتقل الأمر من بعده إلى ابن أخيه (ألب أرسلان) الذي نقم على الكندري أعماله فقبض عليه وقتله وأسند أمر الوزارة إلى (نظام الملك) الذي انتصر للشافعية وأبطل ما كان من سب الأشعرية.