مشكلات الدعوة والدعاة في العصر الحديث وكيفية التغلب عليها؟
للدكتور محد حسين الذهبي الأستاذ بجامعة الأزهر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ـ
فالدعوة إلى الله وإلى دينه الحق هي وظيفة الأنبياء والرسل، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ثم هي واجب العلماء من أتباعهم، ومسئولية المؤمنين جميعاً من أممهم.
يقول الحق تعالى مخاطباً رسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} يوسف (١٠٨) .
وهكذا حددت الآية السبيل لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولكل من اتبعه، وجعلت غايتها الدعوة إلى الله على بصيرة ومعرفة، وأصبحت الدعوة بنص هذه الآية فريضة مستمرة، ينهض بها العلماء، ويضطلع بأعبائها المسلمون في تكافل وتعاون يجعل من عملهم المشترك استمراراً لجهاد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لإعلاء كلمة الله.
الدعوة إلى الله واجب عام، مسئولية الوفاء به في أعناق المسلمين جميعاً، وهي مسؤولية يجب للوفاء بها توفير أمرين لا بد منهما ـ
وأول الأمرين ـ ما يلزم للدعوة ومتطلباتها الشاملة من مال ينفق منه على ما تقتضيه مجالاتها المتعددة ـ من إعداد للدعاة، وتهيئة للوسائل الضرورية من كل ما هو لازم لتوصيل دعوة الحق إلى الناس داخل بلاد المسلمين وخارجها على السواء، فالدعوة إلى الإسلام لا يجوز الوقوف بها عند حدود عالمنا الإسلامي، بل يجب أن تصل هذه الدعوة وتبلغ إلى كل ما طلعت عليه الشمس، وكل ما دخل عليه الليل.
إن كتاب الله تعالى أنزل ليكون نذيراً للناس كافة، وما بدأه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على طريق هذا الإنذار العام من دعوة لملوك الأرض وشعوبها الذين أتيح له أن يدعوهم.