الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئآت أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فقد بدا لي أن موضوع (الربوبية) له أهميته من حيث تعلقه بنقطة البدء في حياة المسلم. والمدخل الوحيد للعقيدة الصحيحة - عقيدة التوحيد - التي يتحتم عليه اعتناقها وتنفيذ متضمناتها والتي لا يقبل الله تعالى منه أي عمل يؤسس على غيرها , وكذلك من حيث أنه لا يُعقل أن يوجه فردٌ ما أي عبادة إلى إله لا يؤمن بوجوده، بل إن العبادات توجه دائماً إلى إله يبدأ العابد بالإقرار به وبصفات كماله المطلقة التي لا تماثلها صفة واحد من خلقه.
ومن ثم برزت عندي أهمية هذا الموضوع, وآثرت أن أدخل في شيء من معالجته بقد ما ييسر الله تعالى لي، خاصة وأن موجة الإلحاد وإنكار وجود الله قد اجتاحت معظم بلاد العالم، وزحفت على شطر ليس بالقليل من قلوب من ينتسبون إلى الإسلام، وخاصة القلوب الغضة التي يحملها بين جنبيه شباب الإسلام الذي تحير فتذبذب بدفعات عنيفة من تيارات الملحدين تارة، والمبتدعين تارة أخرى، حتى أصبح كريش تلعب به هبّات الرياح.
وفي معالجتي لهذا الموضوع، أتناول إن شاء الله بحث: معنى الربوبية, وتوحيد الله تعالى في الربوبية إقراراً وإنكارا وأثر ذلك, وبيان نظرة المنكرين للخالق سبحانه والرد عليهم بالأدلة العقلية والنقلية، ثم علاقة توحيد الربوبية بأقسام التوحيد المختلفة.