فرانسوا الأول أحد مشاهير ملوك فرانسة في القرن السادس عشر، يشتبك في حروب طاحنة مع الإمبراطور الكبير شارلكان (١) ملك أسبانيا وأمير ألمانيا، وسيد البلاد الواطئة، وتدور دائرة هذه الحروب على العاهل الفرنسي، وتلتف حول عنقه الأغلال، ويقاد إلى أسبانيا أسيرا صاغرا في أعقاب معركة (بافيا) سنة ١٥٢٥.
ويضطر الملك الأسير، وهو في قبضة عدوه، إلى أن يوقع معاهدة تمثل إرادة الجانب الظافر يستبد بالجانب المقهور، ثم يطلق سراحه على أثرها، ويعود إلى عاصمته باريز.... وهناك في باريز، وبعد أن يعقد العزم على نقض المعاهدة، والتحلل من كل ما جاء فيها، يتلفت حوله، ويسرح طرفه في المجتمع الدولي، عل الحظ يسعده بحاكم قوي، أو ملك ذي طول، يستنقذه مما حاق به من الكوارث ... وأخيرا، وبعد لأي، لا يجد أمامه إلا سيد القسطنطينية، عاصمة الإسلام خلال خمسة قرون، السلطان سليمان الأول ... ولكن أنى له أن يستعين بسلطانا مسلما على خصمه شارلكان النصراني الزميت، على أنه هو نفسه (فرا نسو الأول) لا يقل عن شار لكان تزمتا في النصرانية بل لعله يربي عليه، ألم يعتبره البابا دون سائر ملوك أوربة النصراني الأول، والحصن المنيع ضد التوسع الإسلامي الذي أخذ يهدد أوربة من جهة الشرق تحت راية العثمانيين الأوائل؟ أيخيب ثقة حبر روما به؟ أيطرح جانبا تدينه وما يمليه عليه هذا التدين من واجبات؟ أولها ألا يستنصر أعداء دينه على إخوانه فيه.
وهنا تظهر طبيعة الإنسان الغربي التي تحمله في النهاية ودائما على الانقياد (للمنفعة) والتخلي عما سواها، لأنها ليست بالطبيعة الخيرة الصامدة التي تقوى على التزام المبادئ الرفيعة حين لا تجر إلى صاحبها (المنافع) . وأي طبيعة تقوى على ذلك مالم تكن غاية في الكبر، وغاية في الشرف والعظمة مالم تكن مؤمنة حقا؟.