لقد سبق للإسلام _ في فترة من الزمن امتدت عدة قرون ابتداء من ظهوره _ أن كون في مجموعة من الشعوب التي اتخذته دينا لها ونهجا لحياتها أمة واحدة هي (الأمة الإسلامية) ودولة واحدة هي (الدولة الإسلامية) وحضارة إسلامية مشتركة أسهمت فيها هذه الشعوب وثقافة إسلامية مشتركة كذلك.
ثم تطورت الحال بتأثير عوامل عديدة وانتهى الأمر بعد عدة قرون إلى تجزؤ الدولة إلى دول مع بقاء الشعوب في بداية الأمر متجمعة في أمة واحدة منسجمة رغم اختلاف الألسن والقوميات ثم أخذت هذه الشعوب في القرون الأخيرة تتجزأ أيضا بعض التجزؤ وجاء عهد الاستعمار في القرون الثلاثة الأخيرة ليكون عاملا قويا في إكمال عملية التجزئة والفصل. وانتهى الأمر إلى ما يسمى في العصر الحاضر (العالم الإسلامي) .
و (العالم الإسلامي) هو مجموعة من الشعوب تدين بالإسلام تحكمها حكومات متعددة تختلف في نظمها التربوية والثقافية والتشريعية والاقتصادية وفي سياستها الداخلية والخارجية وارتباطاتها الاقتصادية.
ولكن ما بقي من رصيد الوحدة السابقة من رصيد الإسلام في عقيدته وتصوراته وفي شعائر عباداته المشتركة وما تبقى من نظمه التشريعية النافذة ومن أحكامه المؤثرة في العادات تحليلا وتحريما ومن المشاعر المشتركة بين المسلمين ومن مناهج التعليم الإسلامي الموروث المشتركة إن ما بقي من ذلك كله يمكن أن يكون نقطة انطلاق من جديد لتغيير الواقع في اتجاه الوحدة في صيغ جديدة تتناسب مع مجموع الأحوال والملابسات المعاصرة.