كانت الآيات في التنديد بأهل الكتاب وإظهار بعض مساوئهم، والتعجيب من حالهم؛ إذ هم أهل كتاب، ثمّ هم يسفون إسفاف أهل الجهل والضلال، حتى إنهم فضلوا أهل الوثنية -كفار قريش- على أهل الدين الحق والتوحيد الخالص محمد -صلى الله عليه وسلم- إذ قالوا لكفار قريش: أنتم أهدى من الذين آمنوا سبيلا، وذلك لما سألهم بعض زعماء قريش عن أيّ الفريقين أهدى ...
ولو أدى أهل الكتاب الأمانة التي اؤتمنوا عليها وهي البيان للناس، وعدم كتمان الحق، لما جحدوا نبوّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كفروا به وبالدين الحق الذي جاء به، ولكن خانوا أمانتهم، وجاروا في حكمهم، فكتموا نبوّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحكموا بتفضيل الباطل على الحق، والكفر على الإيمان، والعياذ بالله تعالى، فناسب أن يذكر الأمر بأداء الأمانات، والحكم بالعدل، فقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ} فكان وجه المناسبة واضحًا قويًا بين الآيات.