بقلم سعد ندا - مركز شئون الدعوة الإسلامية بالجامعة الإسلامية
قتال المقتصرين على توحيد الربوبية:
انتهيت في الحلقة الأولى إلى الاقتصار على الإقرار بتوحيد الربوبية لا يعصم الدم ولا المال- ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل المشركين الذين اقتصروا على الإقرار بتوحيد الربوبية، ودعاهم إلى الإقرار بتوحيد الألوهية ليجردوا العبادة لله وحده - كما قال سبحانه:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}[١] وكما قال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ}[٢] .
وما كان قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهؤلاء المشركين إلا ليكون الدعاء كله لله، ولاستعانة كلها بالله والاستغاثة كلها بالله، والتوكل كله على الله، والخوف كله من الله، والرغبة كلها إلى الله، والرهبة كلها من الله، والذبح كله لله، والنذر كله لله، وجميع أنواع العبادات كلها لله وحده لا شريك له.
ذلك أن من يقصر توحيده على إفراد الله تعالى في ربوبيته فحسب، يعتبر مشركاً، حتى يقر بتفرد الله غز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، ويقر بناء على اعترافه بخالقه المتصف بكل صفات الكمال والمنزه عن كل صفات النقص- بتفرده تعالى في ألوهيته، وبأن العبادات لا تصرف لأحد سواه، ثم يتبع هذا الإقرار باللسان- مما استقر في القلب- بالعمل، لأن القول وحده لا يكفى ولا يغنى شيئاً، وقد حذرنا الله تعالى من ذلك فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ؟ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}[٣] .