للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنهل المؤهول بالبناء للمجهول

لأبي الخير محمد بن ظهيرة

تحقيق ودراسة

إعداد

د. عبد الرزاق بن فرج الصاعدي

الأستاذ المشارك في كلية اللغة العربية

المُقَدِّمَةُ

أحمدك اللهم حمد معترف بجليل نعمتك، وأذكرك وأشكرك ولا أكفرك، وأثنى عليك الخير كلّه، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلّم على أشرف أنبيائك، وصفوتك من خلقك، سِيِّدنا محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد؛ فهذا كتاب ((المنهل المأهول بالبناء للمجهول)) لخير الدين أبي الخير محمد بن أبي السعود بن ظهيرة القرشي المكّيّ الشافعيّ، من علماء القرن التّاسع الهجريّ، وأدرك القرن العاشر. وهو مصنف فيما لم يُسَمَّ فاعله من الأفعال، مِمّا اصطُلِحَ عليه بـ ((الأفعال المبنية للمجهول)) أو ((المبنية لغير الفاعل)) .

والأصل في الفعل أن يأتي مبنياً للمعلوم؛ لأنّ الغالب في الأفعال أن يكون لها فاعل معلوم، ولا يستغني الفعل عن فاعله إلا إذا غُيِّرَتْ صيغته وبني للمجهول، فيحذف فاعله، ويسند الفعل للمفعول أو غيره، كالمصدر أو الظرف أو المجرور.

والأفعال في العربية - في هذا - على نوعين:

نوع يجوز فيه الوجهان، البناء للمعلوم والبناء للمجهول، بحسب مراد المتكلم، ووفق القياس المعروف في بناء الأفعال لغير الفاعل، وهذا النوع يؤخذ بالقياس، وهو الكثير الغالب، ويعنى به النّحاة.

ونوع جاء ملازماً للمجهول، وهو ضربان:

ضرب لا يستعمل إلا على تلك الصيغة، كعُنِيْتُ بحاجَتِكَ، ونُفِسَتِ المَرأةُ.

وضربٌ تغلب في استعماله صيغة المبني للمجهول، وقد يستعمل بصيغة ما سُمِّيَ فاعله (المبني للمعلوم) كزُهِيتَ علينا؛ أي: تكبّرت؛ ورد فيه: زَهَا يَزْهُو زَهْواً.

وقد عُنِيَ علماء اللغة بالأفعال المبنية للمعلوم، وصنّفوا فيها تصانيف باسم ((الأفعال)) ومن أبرزهم: ابن القُوطيّة (ت٣٦٧هـ) وابن طريف (نحو ٤٠٠هـ) والسرقسطيّ (بعد ٤٠٠هـ) وابن القطّاع (ت ٥١٥هـ) .