الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد النبي الأمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالتربية الإسلامية هي الوسيلة للسعادة في الدارين الأولى والآخرة، بها تتكون شخصية المسلم المؤمن بربه، والمطيع لأوامره والمتجنب لنواهيه، المتمسك بدينه، الذي يؤدي رسالته في الحياة بأمانة، ويعمل للآخرة متبعا الكتاب والسنة، محاربا كل بدعة، مطيعا لربه العليم؛ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[١] ، ومقتديا بسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم؛ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِر}[٢] .
والتربية معناها التنمية للقوى العقلية والخلقية والجسدية، وكلمة الأدب الواردة في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"أدبني ربي فأحسن تأديبي"[٣] معناها أن الله سبحانه وتعالى هو الذي ربّى نبيه ليكون خير قدوة للبشرية، وقد منحه سبحانه هذه الشهادة الممتازة، {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[٤] .
وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تربية الرجال والنساء والأولاد، مثلما جاء في الأحاديث الثلاثة التالية:"أوقفوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله وأدبوهم"[٥] ، و"أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم"[٦] ، و"مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع"[٧] .