المجتمع الإسلامي في نظر الإسلام: وحدة واحدة لا تتجزأ، ولا يجوز أن تترك ليصيبها العطب أو الفساد، ولا أن يهمل جزء منها ليصاب بالعطب أو الفساد، ولا سبيل إلى صيانتها إلا بأن يقوم كل فرد بعمله، حاكما أو محكوما، وأن يكون مخلصا في عمله مضحيا للجماعة التي ينتمي إليها، بشيء من راحته ووقته، وبجزء من ماله وجهده، برضا نفس، وسماحة قلب، حتى يظل الترابط والتماسك قائما، ويبقى التراحم والتواد بين الأفراد موجودا، فإن الأفراد هم اللبنات التي يتكون منها المجتمع، والخلايا التي ينتج عن تماسكها هذا الكائن الحي المسمى بالأمة.
وطالما كانت الخلايا سليمة تؤدي وظائفها ظل المجتمع سليما معافى، يفيض على خلاياه الصحة والقوة، ويدفع عنها كل خطر خارجي، ويعوضها عن كل نقص داخلي.
نعم لا بد وأن يشعر الفرد بأنه ابن بار لمجتمعه، وعضو نشيط في أمته يسعد بسعادتها، وينفعل بأحاسيسها، وينغصه تأخرها عن غيرها، والمجتمع يحرسه ويحافظ عليه، محافظة الأب الرحيم والأم الرءوم على وليدها.
فإذا ما استيقظ ضمير الفرد نحو أمته بالحب والإخلاص والتضحية، واستيقظت الأمة تحمي أفرادها، كان ذلك المجتمع في كنف الله، مستظلا برعايته "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى ".
وأمة هذا شأنها يتنزل عليها نصر الله، من سماء الله، على يد ملائكة الله وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.