للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جهود خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز في عمارة المسجد النبوي الشريف

للدكتور بريك بن محمد أبو مايلة

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. أما بعد:

قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (١) .

قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول الله تعالى ذكره إنما يعمر مساجد الله المصدّق بوحدانية الله، المخلص له العبادة الواجبة الذي يُصّدق ببعث الله الموتى أحياء من قبورهم يوم القيامة. وإقامة الصلاة المكتوبة بحدودها، وأدى الزكاة عليه في ماله إلى من أوجبها الله له ولم يرهب عقوبة شيىء على معصيته إياه سوى الله، فخليق بأولئك الذين هذه صفتهم أن يكونوا عند الله، ممن قد هداه الله للحق وإقامة الصواب" (٢) .

من منطلق هذه الآية الكريمة العظيمة كانت العمارة السعودية للمسجد النبوي الشريف.

فلم تكن تلك العمارة العظيمة منذ انطلاقتها الأولى على يد المغفورله -إن شاء الله- الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، ومروراً بمراحلها المتواصلة والمتطورة حتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين، لم تكن عمارة جامدة مقتصرة على الإنشاءات العمرانية والتوسعات الميدانية فقط بل واكبها وسايرها منذ اللحظة الأولى عمارة أخرى عظيمة حية تلامس شغاف القلوب وتهز الوجدان. فبالإضافة إلى التوسعات العظيمة غير المسبوقة في التاريخ من حيث الضخامة والفخامة وروعة التصميم ودقته وسرعة الإنجاز وكلفته الباهظة.


(١) التوبة: ١٨.
(٢) الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ٦/٣٣٥. .