بزغ فجر الإسلام فوجد الناس قد انصرفوا عن العلم فانصرف العلم عنهم, وخاصة العرب منهم, فتخلف الناس نتيجة لذلك, وتأخروا في كل ميدان، لذلك كان ابرز ما جاء به الدين الإسلامي ودعا اليه تعلم العلم وتعليمه..
فقد رفع الإسلام من قدر العلم كثيرا، كان ذلك منه في عصور سادتها الجهالة وقد جاءت آيات وأحاديث كثيرة تحث على العلم وتبين فضله, وترفع من شأن ذويه, وحسبك تقديرا للعلم أن أول ما نزل من القرآن الكريم قوله تعالى:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[١] . ولقد ذكر اسم العلم معرفة ونكرة في عشرات الآيات من القرآن الكريم تناهز المائة وهو يطبق على علوم الدين والدنيا, لا تقف عند حد, ولا تنتهي عند نوع خاص من المعرفة، فمن العلم المطلق قوله تعالى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[٢] أي لاتتبع ما ليس لك به علم يثبت عندك بالرؤية البصرية, وبالروايات السمعية أو البراهين القطعية, فإن الله تعالى يسألك عما أعطاك من آلات هذا العلم ولقد جعل الله تبارك وتعالى العلم مقياس التفاضل بين الناس وبه ترتفع أقدارهم فقال سبحانه:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[٣]