تعقيب لا تثريب
السفينة الأولى
بقلم: الشيخ محمد المجذوب
١- يا قبرص العزيزة..
أحقاً أنت هي الجزيرة التي طالما تشوقت إلى لقائها!..
إني لأخطو فوق ثراك الرطب الخصب
وأجوب أرجائك علواً وسفلاً..
ألماغوسة.. التي تعانق الأبيض المتوسط بذراع والأخضر المنبسط بالذراع الآخر.. ولفقوسا التي تعيش على مرمى ومرأى من العدو المتربص ومع ذلك تضحك وتتمطى وتبعث.. وكْرنا.. كِرنا.. التي توقد في قلوب المؤمنين لفحات الحنين إلى جنة الله..
هأنذا أطل عليها من أعالي (سانت هيلاريون) الحصن البزنطي القابع كالعجوز يتذكر ماضيه العبيد.. فأشاهد روائعها الساحرة تنشر في كل اتجاه..
ما أروع منظرها بعيدة وهي تغسل أطرافها بهذا الرقراق الأزرق الممتد إلى أقصى أقاصي الآفاق كأنها الغادة البتول تتوضأ استعداداً للوقوف الخاشع بين يدي الخلاق الرازق..
ولكن.. ما أقبحها قريبة.. تعرض لحوم البشر في عريها الكافر.. كأنها حديقة للكلاب والخنازير.. أشبع ما فيها عوراتها المثيرة للإشمئزاز والغثيان..
٢- يا قبرص العزيزة..
ما الذي يربط قلبي بترابك.. الذي طالما جننت إلى رمسّه..
أجمال طبيعتك هذه.. التي تذكرني بروائع الفيلبين..
أغاباتك البهيجة المترنحة على السفوح والقمم..
تتبادل الحوار الهامس مع أمواج الأبيض المترنمة أبداً..
أشواطئك الجذابة المغرية؟!..
أنسميك الناعش المخالط للقلوب.. الحامل خلاصة الأريج..
الأريج الذي ترسله ضفاف الأبيض المتوسط كلها!!
أم ثمارك الشهية من الأعناب والتفاح والخروب..
لا.. وألف لا.. ففي لبنان المجاور لك ...
الكثير من ذلك المتاع الزائل.. واللاذقية الشاخصة إليك ... الزائل.. مهما طال الأمد..
إنما هي الذكريات يا قبرص..