لن أذهب في هذا المبحث بعيدا، ولن أستعرض كل كتب الجرح والتعديل، وإنما أقتصر على الكتب التي أعتبر الشيخ سكوت أصحابها توثيقا للراوي. فأبين منهج صاحبها_ إن كان قد حدد لنفسه منهجا، وإلا تلمست ذلك بنفسي مستمدا العون من الله تبارك وتعالى.
١_ كتاب التاريخ الكبير للإمام البخاري [١] :
إن الناظر في كتاب التاريخ الكبير للبخاري - اليوم - يجده قليل الجدوى بالنسبة للحكم على الرجال، إذا ما قورن بميزان الاعتدال أو تهذيب التهذيب، أو التقريب وغيرها. وما ذلك إلا لأن طلبة العلم اليوم يستقون معلوماتهم عن الرجال والرواة من خلال ما دون وكتب، بينما كان طلبة العلم في عصر البخاري يعتمدون في معرفة أحوال الرجال على المشافهة والسماع. وما حفظوه في الحل والترحال، ولم يكن الكتاب إلا لإثارة الذاكرة واستيقاظها إذا غفلت.
يؤيد ما ذكرت قول الخطيب البغدادي في تاريخه:" فكتاب التاريخ الكبير لأمير المؤمنين في الحديث الإمام محمد بن إسماعيل البخاري من هذه الكتب التي عنيت بتراجم الرجال، وقد اتبع فيه البخاري طريقة الإيجاز, وروي عن البخاري بإسناده أنه قال: "قل اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة إلا أني كرهت تطويل الكتاب" [٢] .
ولا يخفى أن هذا الإيجاز غرضه تسهيل الحفظ على طلاب العلم، وحين العرض على الشيخ المؤلف يحدثهم بحال كل راو من جرح أو تعديل فيحفظون ذلك أو يكتبونه على حواشي دفاترهم.